من يغفر لمن؟

سيوران -من بين أحد مقالاته التشاؤمية- كان يرى أن التسامح في حقيقته ليس إلا دلالةَ على الهزيمة، وخوار القوى: “لم أعد أملك القوة الكافية لأتمنى موت عدوّ.”

ولعلّه كان يركن في قوله هذا إلى التسامح مع فِكر الآخر لا ماهيّته؛ أي عقيدته، عرقه، وأيديولجيته. ذلك أن التسامح مع البشر في بشريّتهم وسلوكياتهم -كالخديعة والكذب- إنما هو إنتصارٌ على الإنفعالات الإنسانية وتخلصٌ مريح من شباك الآخر.

وإذ نُقارب فكرة سيوران، فقد يكون التسامح- في بعض حالاته- ليس إلا اليأس بصورته الإيجابية.
اليأس الذي يمنعك عن استعتاب الآخرين في ماهيّتهم، ومساءلة العدوّ عن شرّه. اليأس الذي يمنعك أن تكون قسيساً ومُبشراً في مُتكأ شياطين.

لكن ذلك لا يهم، سيستدرك المرء عند مرحلةٍ ما نقصان الآخرين وشرورهم، وسيصفح لهم ذلك كله دونما أيّ اكتراث. ثمة مصالحة أشدُّ قداسةً يتعيّن على المرء أن يبرمها حتى يمخر السلام قلبه، لا مكان للآخرين فيها.. وهي مُصالحته نفسه.

أن تغفر لنفسك خوارها، واستسلامها. أن تغفر لها إيمانها بالآخرين ساعة الكفر ويأسها ساعة اليقين. أن تغفر لحظّك، وعزاءاتك الكاذبة. أن تغفر لقدمك، ركضها في غير سبيلها، وإحجامها عند وجهتها. أن تغفر لنفسك، تصلّبها ساعة اللين، وهشاشتها ساعة التجلّد. أن تغفر لذاكرتك نسيانها ما يبعثك من مرقدك، وتيقّظها لما يدكُّ صدرك. أن تغفر لصوتك، حشرجته عند من يهمّه، وصِدقه عند من لا يفعل. أن تغفر صمتك، وقولك. جهلك ومعرفتك… أن تغفر لنفسك بشريّتها.

يُشبه الأمر ما قاله ليندر: “بإمكاني أن أغفر، لكن ليس لنفسي.. بإمكاني أن أغسل أخطاء الآخرين، لكني لا أغسل أخطائي. أفهم أنني يجب أن أسامح نفسي، لكني لا أفعل.”


ثم إذا أنت غفرت لنفسك، هل تصفح لك الأيام؟ هل يغفر حدسك.
وهل.. يغفر لك يقينك شكك.

من يغفر لمن.

أُذنك قليلاً أيها العالم.

Ben James, Wales 1953


هذه صورةٌ طيّبة. تُعيد لي أشياء قديمة، تُعيد لي شغفاً ذوى وهوى.
هذه صورةٌ تصلح لنصٍ طويل، كثيف.. يُتعبني الآن أن اكتبه.

ولست أذكر، في أيٍ مرحلةٍ أضعت هذا الرضى، هذا الشعور. أعني شعور أن تكتب شيئاً مُرضياً لايفهمه إلاك، لأن الآخرين كانوا ولا زالوا عابرين، لايكترث أحدهم بأحد، وإن فعلوا فإن اكتراثهم هذا يبور ولا يدوم. تتسابق أبصارهم على أمجاد بعضهم، يمتصوّن أحاسنهم، يهرشون لُبابهم ثم يقذفون بما تبقى منهم مثل عظمةٍ جرداء، ما عادت تستهوي أحداً.

إنه كلامٌ طويل، مريب. لايتسع له الليل، ولايفهمه إلاي، وأنتم في هذه الظلماء: محض عابرين.
أُذنك قليلاً أيها العالم؛ أشياء كثيرة لتُقال، إفشاءاتٌ ثقيلة لتُزاح. ثمة صوتٍ واهن، أرهقه هذا الزمان.

Facts .


واجب تدويني مُمرَّر من النقيَّة تهاني (F) بعنوان ” اعترافات ” ، اهبه كذلك لـ ميساء , مهدي , آلاء , و فيميل .

– اُحبُّ الأطفال حتَّى عمرهم الرابع، مُطيعين، وظُرفاء. من هم أكبر من ذلك فاركلوهم عنّي !
– لا أسمع الموسيقى كثيراً، لكن حين افعل فذائقتي غربيَّة ؛لا تروق لي ولوله “ليلي عيني ” مطلقاً .
– العُمق , مفتونةٌ بالعُمق .
– لديَّ أصدقاءٌ كثيرون ، لُطفاء .. لا أحد منهم يعرفني جيَّداً !
– لا أحبذ أحدهم يطري نفسه ، دع فِعلك يتحدَّث عنك.
– صبورة , لكن حين يتعلق الأمر بالأمور التي أريدها لست كذلك .
– قارئة / مُخمنة جيَّدة لتحرُّكات المرء .
– ولائي مُفرط ، وهذا أمرٌ مُتعِب .
– كتومة ، أوراقي ليست دائماً مكشوفة ، ممَّ يجعلني اتساءل كيف نشرت هذه التدوينة !

Happy Eid 2

للأصدقاء القريبين ، البعيدين كذلك ، ومن طرق الغياب أبوابهم .. لأصدقاء الكلمة / المُدونة الذين يُبصرونها كُلّ حين :
كُلّ عامٍ و أنتم أجمل ، أعلم أنّي تلحّفت الغياب طويلاً ، و أعلموا أنّي مُستاءةٌ من هذا الشأن مديداً ؛ قد ابتلعني الصمت مؤخراً ! :red:

Hello summer .

by Kylie alexis

يبدو أنّي و البعض ككُلّ حَول , نُخطّط لإجازةٍ في روما منذ شوّال , ونقضي الصيف الحقيقيّ في الدّمام ! الكُلّ يفر من مدينته لكنه لا يخرج عن الدائرة كما يظن أنّه قد فعل .
سأذهب هذا العام صوب ما اعتدته -ككُلّ خيبة- , سأتظاهر أنّي في أراضي اسطنبول أو أتخيّلني أُحدّق في سماء سيدني حتّى – بينما أُعدّ قهوةً لجدّتي في الواقع – و سأقضي وقتاً مُمتعاً على أيّة حال !

أنوي أن أسعى في أمري هذا الصيف , أخِيط الخُطط المبتورة , أزِرُّ خاتمتها , وأعكف على قراءة ماتبقى لديّ من كُتبٍ عديد , هي الرحلات التي أضمُّ تذكرتها ولم أُنجزها , المشاهد التي اتكحلّها , و الرحاب الأخّاذة التي سيتسنى لي -حقاً- رؤيتها , و قراءتها .

استمتعوا , أو تظاهروا أنّكم ستفعلون على الأقلّ .

After all .

لا أفقه ما خطبي و الكتابة منذ فترة , وكأنّما أحلبها حلباً و ماطاب لها – ابداً – أن تجيء , فكما الحياة حين تهبك ساعات مجدٍ محدودة , كذا تفعل الكتابه تماماً حين تُدلق عليك افكاراً لن تجدها بعد ذلكم موجودة !

هذه المُطاردة المنهِكه تُشبه صبياً يستفزّ جاره حين تأتِ إليّ قبل النوم خطاباتٌ و ويلاتُ قولٍ كُنت ابحث عنها ثُمّ تفرّ فيما يُحسب بأقلّ من ثانيتين , و كأنّما هو حظٌ مُهتريء مُحكم ظُهورٍ , لعين غروب ! يضطّر كاتبه لاحقاً لهندمه ذاكرته و تفتيشٍ مُطوّل مُنتهياً به المطاف ليستسلم لكتابةٍ على قالب ” هاكم اقرأوا عجزيا ” , لهذا أقول أن الثرثارون كُتّابٌ ناجحون تُشبه الكتابه معهم حالة زفيرٍ انسيابيّه , بعكس الصّامتين حين يسعلون ! وماهم عنها بقادرين .

لاحقاً , ستُدرك أن في الأمر نهايةً غرضٌ جدير ؛ فلا أحد يود فعلاً أن ينتهي به الحال مُستقبلاً طأطأه رأسٍ و” لا بأس ” حول كتابةٍ يحسبونها نوبة بُكاء , بينما العكس أنّها جاءت في ” ما يودّ عتيّ الفهم قوله ” عند المساء !

to DO .


كُنت قد بدأت هذه الفترة بالعودة للقراءة – و أعني قراءةً نهمه كما بدأتها أوَّل مرَّه – بعد خُمولٍ مُفسد تبوأ ناظريَّ مديداً . أنوي إنهاء أربعة كُتبٍ أو ثلاث – بحسب الهوى – كُلَّ شهر , رغبةً في إنعاش الرفوف و إزاحة 116 كتاباً مختلفاً عمّر على ظهرها .

إن أنهيتها جميعها فذلك سَعدٌ لطيف , و إن لم أكد أفعل …


well, life goes on !I