6

كما لو أن العالم اتخذ وضعية mute. ستغفو بهجتهم، وترقد أفواههم، سيتكوَّرون في حضن الصمت كأطفالٍ صغار. يُغلقون سمَّاعتهم في وجه الحقيقة، وينفصلون عن صوتها.
أولئك في صالات المغادرة، ذوي النحيب المهندم، المُتعبين من حِمل ذكرياتهم.. يعبرون الصالة برباطة جأشٍ كاذبة، يتمالكون وَهنهم، ثم يتداعون عند سماع أول نداء!

4

by:duane-michals

“‫كانت الساعة الثالثة صباحاً حينما رنّ الهاتف لأول مرة ولكنه توقف، وما أن وضعت رأسي من جديد لأنام حتى سمعت بعض الطرق على باب غرفتي. كانت حُريَّتي تقف عند الباب، كنت أُخطط لسؤالها: مالذي استغرقكِ كل هذا الوقت؟ لطالما أردت. غير أني اكتفيت بتنهيدة، وعناقٍ طويل.”‬
هذا ما صرت أقضي وقتي بتخيُّله. لقد بات السجن مملاً.

Hello again!

كشخصٍ مثلي صام عن التدوين وغاب -لسببٍ يُحزنني وأجهله!- بدى مشروع فاطمة فكرةً جميلةً و مُحرِّضة على العودة لنفض ما افترس هذه الدار. كنت أنوي البدء من اليوم الأول، لكني واجهت مشكلة في لوحة التحكم -كنت أتجاهلها لشهور- عرقلت سعيي وأرغمتني على التأخر، ولم أُصلحها إلا قبل لحظات. مما يجعلني الآن في اليوم الرابع.
الفكرة تدور حول نشاط تدويني جماعي على مدار ١٠ أيام، يكتب فيه المدونون كل يوم موضوعاً مختلفاً ومحدداً، جميعهاً تفضي إلى غايةٍ واحدة: “العربية للإستخدام اليومي”. هنا تعرفون أكثر حول ماهيَّة النشاط، وهنا الرفاق الذين سيُشاركوننا هذه المغامرة!

ق.ق.ج

يكره الخرقى ويمتعض من المغفلين، يُصوِّب نحوهم الشتائم. وفي الليل.. يتعاطى مع رفاقه ما يجعله مستمتعاً بكونه مغفلاً !

– بعض الرغبات تُشبه “أصدقاء السُّوء”؛ توقعك في المأزق ثُمَّ تدّعي أنَّها لا تعرفك, وقد تُقسم أنَّها لم تُقابلك قبل هذا اليوم !

– بعض الأحلام” أصدقاءٌ سيئون” ؛ يُمسكون بيدك, يصاحبونك فترةً من الزمن. ثُمَّ -و دون أن تشعر- يركلونك في منتصف الطريق ! ويتخلون عنك/ يتخلصون منك.

حكمة الشُّيوخ.


” لا. تلك هي المُغالطة العُظمى : حكمة الشُّيوخ. إنَّ السن لا تجعلهم حُكماء, إنَّها تجعلهم أكثر حذراً. “

– وداع للسِّلاح.

هل يؤدي الإعلام دوره الحقيقي ؟

إنَّ هذا لسؤالٌ من المهم أن نسأله، ومن المهم أيضاً معرفة جوابه، خصوصاً إذا ما لاحظنا وصول الإعلام خلال السنوات الماضية -والشهور الأخيرة بالذَّات- إلى درجةٍ من القوة لا يُستهان بها, وإلى درجةٍ من التأثير يصعب إزالتها وتغييرها إذا ما كانت سلبيةً أو مُظلِّلة.

ودور الإعلام لا يُعرف إلا حال الأزمات -كما الصديق- و لايتضح إلا في خضم الأحداث والصراعات -أكانت دوليةً أم محليَّة. في اللحظة التي يبحث فيها النَّاس عن الحق والصدق، ويُفتش فيها المجتمع عن النزاهة والإنحياز، في اللحظة التي يصبح فيها الناس بالنسبة للإعلام عجينةً تُصلصلهم كيفما تشاء وفيما تشاء، وهي لحظةُ إن تفحصتها بعينٍ واعية سيتبيَّن لك حينها العاقل من الجاهل، الصادق من الكاذب، ومُفتعل الخطوب من مُهدئها.

فعلى الصعيد المحلي مثلاً -وهو ما يُهمني الحديث عنه- حينما تحدث حادثة وتولد شائعة فإنَّ الصحف تتحوَّل بشكلٍ ظريف لسوق خضرةٍ مليء بالضوضاء/الغوغاء، الكلُّ يصرخ والكلُّ يدعوك أن تصدقه ! فالإعلام حال المُشكلة لا يخدم كثيراً، إذ ترى على سبيل المثال من يعمد إلى ذكر جانبٍ واحد من القصَّة، ويؤجج الحدث، ثُمَّ تجد من العامَّة من يدافع ببسالة أو يُهاجم بضراوة مستنداً على هذا الجانب، والذي -وياللبؤس !- قد يكون الجانب المُصيب أو المُخطيء من القصَّة.
فعلينا أن نحرص دائماً على معرفة الجانب الآخر من القصَّة قبل أن نتحدَّث.

هذه الإندفاعات الإعلاميَّة التي تتكرَّر بشكلٍ دوريّ تؤثر سلباً على المُتـلقي لتوَّلد -في الغالب- آراءًا سرعان ما تتغيَّر فيتضح لأصحابها مدى التسرُّع والإندفاع. وتخدم -قطعاً- الخلافات في مجتمعٍ يتميَّز عن غيره من المجتمعات في أنَّه يبحث بجدٍ وكدّ عن الثغرات التي تُفرِّقه ثُمَّ يحشر نفسه فيها ! في مجتمعٍ لا يتهاون فيه البعض عن استباحة أعراض وسمعة بعضه البعض متى ما لمح الإختلاف.

والحديث عن الإختلافات/الخلافات يدفعني لا إرادياً للحديث عن حفلات “تراشق المقالات” التي تُقيمها الأحزاب والتيَّارات. إن الواحد منا ليُصلَّي صلاة شُكرٍ إذا ما مرَّ اسبوعٌ واحد دون ضجةٍ إعلامية.. تراهم يقرعون الكلمة بالكلمة، والمقال بالمقال، والإتهام الكاذب بإتهامٍ أبطل منه، حتَّى ولكأنهم ضرائر ! و الزوج ذو الحظ السيء في هذه الحالة ليس إلا الوطن، وأبناءه ليسوا إلا المواطنين الذين سيُجبرون في مرحلةٍ ما على اتخاذ صف والوقوف على أحد الجانبين.

إنَّ الإعلام إذا عكف على خدمة تيارٍ معين ضد آخر وأخذ يُفبرك الحقائق ويبث البلبلة بشكل خالٍ من المهنيَّة فإنَّه يفقد قيمته الأساسية : الحيادية، ولبئس الإعلام قد صار. لا يُسهم حينها إلا في توسيع فجوةٍ من المُفترض عليه أن يُرمِّمها، يُعالجها، أو يُقنعنا بأنَّها ليست موجودة إذا تطلَّب الأمر ذلك !
لا أقول أن نتغابى، بل أن نتغاضى بفطنةٍ وحِكمة عمَّا لا جدوى فيه و فيمَ لا نفع منه. ذلك أنَّ التيارات المحلية أظهرت لنا أنَّه لن يمكنها أبداً أن تقنع التيَّار المخالف وتحاوره بطريقةٍ واعية وحضارية، جعلت الأمر يبدو عصيَّا غير قابلٍ للسِلم، وهو ليس كذلك.
ولذا فإن السبيل الوحيد لخفت هذه الضوضاء هو تعايش هذه التيارات بعضها مع بعض وتقبل الإختلاف -أيُّ اختلاف- ما دام لا يؤذي الطرف الآخر أو يمسَّ الدين ويخلع ركيزةً من ركائزه.
وللغزالي في هذا الشأن قولٌ فيه من السدادة الشيء الكثير: “إذا سمحنا لأسباب الفرقة أن تنال منا، فلا مستقبل لنا، لأننا لن نكون”

نهايةً : هل نحن مجبرون على الخوض في كُلَّ شيء ؟ للصمت مواضع، أحسنها و أجلُّها الصمت عند الفتن.